Saturday 26 January 2008

الكابوس

عندما بنى عبدالكريم قاسم مدينة الثورة سماها الثورة , جاء صدام و سماها مدينة صدام و لكن بقينا نسميها الثورة , توسعت و بقأسمها الثورة, نشأت فيها أجيالٌ جديدة لم تعرف قاسم و بقي أسمها الثورة , بلغ تعداد سكانها نصف تعداد سكان بغداد و بقي إسمها الثورة.

لم أُعر إهتماماً لموضوع تغيير العلم الجديد, ليس لأنني مع تغيير العلم و لكن لأن الجديد لا يختلف كثيراً مع القديم , نفس الألوان و بقيت (الله أكبر) في مكانها متوسطةً العلم. و لكن أدهشتني بهجة البعض و إحتفالاتهم بتغيير العلم و كأنما إعجازاً قد حصل ثلاثُ نجمات رفعت من مكانها.
الموضوع هو ليس تغيير العلم و ليس الثلاث نجمات, فوحدةُ ابناء الشعب يجب أن تكون هي الهدف الرئيسي لكل غيورٍ على وطنه, إلا أن الموضوع برمته هو العقدة النفسية التي يعيشها الكثيرون و التي أسمها (صدام حسين).

منذ نيسان 2003 و الى يومنا هذا لم تسعى المنطقة الخضراء لفعل شيءٍ في العراق المحتل عدا رفع صدام حسين من سجلات هذا البلد.
كل ما يمت لصدام بصلة يجب أن يزال من مكانه, الأسمُ نفسهُ يجب أن يختفي و الى الأبد.
أنا أتفق مع هذا فهو ليس إلا مجرمٌ عتي قد دمر البلاد و هجر العباد و أهلك الحرث و النسل و لكن من المضحك أن يتحول صدام الى شبحٍ يطاردنا حيثُ نذهب أو الى شماعةٍ نعلقُ عليها كل أسباب فشلنا و ضياعنا و من ثم الى سلاحٍ نهددُ به من يخالفنا الرأي متهمين أياهم بحبه و الحلم بعودته الى السلطة...حتى بعد أن أستلقى في قبره !!


جسر الطابقين أضحى جسر الحسنين و تتصدرهُ صورة لوجهي أبناء الحكيم تُثير الأشمئزاز, ولكن الجسر بقي جسر الطابقين الذي بناه صدام و لم يكن لأبناء الحكيم فضلٌ فيه و لا منة.
الأسماء يجب أن تتغير و كتب التاريخ و مناهج التعليم حتى الضيوف يجب أن لا يكونوا من ضيوف صدام حسين و أعداء العراق يجب أن لا يكونوا من أعداءه.

ساسة عراق ما بعد الإحتلال يذكرون إسم صدام حسين أكثر من أي شيء آخر فلا يخلو خطاب من خطاباتهم أو مقابلة من ذكره عشراتت المرات, صدام أضحى رعباً يطاردُ أقزام المنطقة الخضراء, يبذلون جهودهم لإبعاده , يستغيثون بكل من على وجه الأرض ليسعفهم منه ولكن بلا جدوى. فعندما يكون خصمنا وهماً نصطنعهُ بأنفسنا ستكون نتائجُ المعركة أن نتحول الى مجانين

الآن قد تم رفع النجوم الثلاثة, النجوم طبعاً ترمز لحقية صدام حسين فهي تمثل أهداف بعثه في الوحدة و الحرية و الإشتراكية : ما ذكرهُ الساسة يثير السخرية , يتحدثون كما لو كانوا مهرجين بلهاء و المستمعين أطفال لا يفقهون شيئاً.
هل نحنُ ضد صدام حسين أم ضد الوحدة و الحرية : و إذا كنا ضد الوحدة و الحرية فهل كان صدام مؤيداً لهما!!
و إذا كانت المنطقة الخضراء ضد الوحدة و الحرية فما هو الهدف من الإحتلال؟
هل نسي المحتفلون بإزالة (علم صدام حسين) أنهم أزالوا العلم و ثبتوا (صدام حسين)؟ أم تناسوا أن هنالك الكثير من الأمور في عراقنا و التي تُذكر بصدام حسين؟
هل ياترى سنسمعُ يوماً بمخطط إزالة العراق لمحو صدام حسين؟


.

2 comments:

ahmed said...

Brilliant as usual.

Marshmallow26 said...

طبعا كلامك مثل الدوا عالجرح

صدك اسمك طبيب

:)