التقيت فرشته بعد غياب دام أكثر من شهرين , لقائنا كان حار جداً وباشرت هي بالقول والإبتسامة العريضة تملأ وجهها فرحاً لرؤيتي (ولك هاي شنو ؟ أشو خشمك كبران؟!! صاير جنك بينوكيو , أخاف دتجذب هواي هالأيام؟) .
إستعذتُ برب العالمين وقلتُ:( يارب أُستر , هاي إذا بدت بالنصب محد يوقفها ) رددتُ عليها بعدما إستجمعت قواي (الرجال مو بشكله, زين , الرجال مو بشكله) بصراحة توقعتُ إحراجها , جاوبتني هي وبسرعة ( المرأة هم مو بشكلها) جاوبتها وبكل صرامة و تحدي (والله صحيح) , كما تعرفون انا لا أخشى شيئاً وخصوصاً لسان فرشته الذي لا يرحم .
ذكَرَني هذا النقاش بموضوعٍ كان دائماً يشغل تفكيري , الا وهو كلمة ( قوة الشخصية) , تعودت أن أسمع الناس يقولون (الرجال مو بشكله بس بشخصيته) , بصراحة انا عاجزٌ عن فهم هذه الكلمة وأتمنى أن يفسرها لي احد, ماذا نقصد بكلمة الشخصية ؟وما هي مقومات الشخصية القوية للرجُل؟ أستطيع أن أتفهم أن المرأة تكون قوية الشخصية في مجتمعنا عندما تكون واثقة من نفسها وتمتلك الجرأة لمواجهة الحياة أو مقارعتها وذلك بسبب القيود المفروضة عليها, ولكن ليست هنالك أيةُ قيودٍ مفروضة على الرجل ولا يوصف كل رجل معتمد على نفسه في مواجهة الحياة ب(قوي الشخصية).
لا يكفُ البعض عن التركيز على كلمة قوة الشخصية من دون أن تكون لديهم مقومات معينة تحدد نوع الشخصية القوية , أتذكر جيداً إحدى زميلاتي في الكلية عندما سألتها عن ما يمكن أن يجذبها للرجل فأجابت و بسرعة (شخصيته), رددتُ عليها متسائلاً : ماذا تقصدين ب(شخصيته) ؟! بقيت البنت (صافنة بوجهي) وهي تعجز عن إيجاد إجابة لسؤالي الصعب على ما يبدو , هذه الفتاة مثال لكثير من الفتيات الواتي يتحدثن عن الشخصية القوية لفارس الأحلام من دون معرفة معنى الكلمة.
يعتبر الكثيرون في مجتمعاتنا أن عصبية المزاج و القدرة على الإيذاء من علامات قوة الشخصية ؛ يعني ببساطة الرجل يكون قوي الشخصية فبالتالي هو يصرخُ طوال اليوم و يتأمر وكأنما العائلة مجموعة خدم تلبي طلباته وتنفذ أوامره ثم يحذو الإبن حذو أبيه ليفرض شخصيته كولي عهد للقائد القوي, و يعتبر البعض الآخر أن الديكتاتورية والإستبداد بالرأي من رموز الشخصية القوية ! وكأنما توجيه الإهانات والشتائم وعدم إحترام الرأي الآخر و عدم تقدير ظروف الآخرين ومشاعرهم مسائل صعبة ومن يقدر عليها فهو موهوب!.
البعض يذهب بعيداً للقول أن الرجل لا يبكي ولا يُظهرُ مشاعرهُ وإن عدم نزول الدمعة هو رمز من رموز القوة والتمكن , انا لست من مؤيدي أن يقضي الناس عمرهم بالنحيب أو أن يبادروا بالعويل في كلِ مناسبة وعلى كلِ صغيرةٍ وكبيرة ولكن لا أُنكرُ أن دموعي تنهمرُ في مواقفٍ معينة ولا أرى حكمةً في إهمال مشاعري.
أظنُ أن الإمام الشافعي كان الأبرع في تفسير هذه النسألة عندما قال:
عينُ الرضى عن كلِ عيبٍ كليلةٌ ولكن عينُ السخطِ تبدي المساويا
عندما نُحبُ أحداً فإننا لا نرى أو لا نركز إلا في محاسنه محاولين التجاوز عن ما فيهِ من عيوب وبالتالي نعدُ شخصيتهُ قوية أو لطيفة أو ما الى ذلك.
من ناحيتي وعندما أُفكرُ في هذا الموضوع أتذكرُ قول الإمام جعفر الصادق(ع) (أنزِل الخيرَ مطراً في أهلهِ وفي غير أهلهِ , فإن لم يكُن في أهلِهِ فأنت أهلُهُ ) .أرى في هذه المقولة قمة الفخر مع منتهى العطاء , أرى فيها قوةً متناهية وعزماً لاحدود له , من السهل أن نؤذي ومن السهل أن نُهمل سوانا أو أن نتجاهلهم, ومن الممكن أن نعطي لغيرنا ولكن من الصعبِ جداً أن لا نكترث عندما لا يستَحق المقابلُ ما نعطيه , من الصعب على البشر أن لا يترددوا في العطاء لمن لا يستحق ويثبتوا على موقفٍ واحدٍ مهما كانت الظروف وحتى لو لم يتلقوا أيَ مقابل لما يقومون به, أعتقدُ أن من يقدرُ على هذا الأمر هو الأحق والأجدربأن ينعت ب(قوي الشخصية).
بالنسبة لي : كنت أُحِسُ بالقوة والسعادة عندما تسنحُ لي الفرصة أن أُساعدَ أحداً في بلدي , كانت إبتسامة الإمتنان العريضة التي ترتسِمُ على وجوه الناس تُشعرني بالزهو فأتركُهم حتى قبل أن يقولوا كلمة الشكر, كنتُ أحلقُ عالياً مع هذه الإبتسامة ويتملكني شعورٌ بأنِي أملكُ الدنيا وما فيها , كان الناسُ مستضعفين ولا يملكون الكثير ولكنهم يملأهُم الدفء, محبتهم خالصة ونظراتُهم حنونة وكرماء للغاية رغم بساطةِ حالهم وقلةِ ما يقدرون عليه.
لم أرَ هذهِ الإبتسامة منذُ أن تركتُ البلد فأيقنتُ مع نفسي أني أعيشُ هنا بلا شخصية وكأنني لا أحد.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
3 comments:
dear a&eiraqi,
how v sad.. yr last words r what we all feel, v similar to what i called being (Watanless), so definately one feels he is w out Shakhseyya..
but still, i thought that doctors r appreciated for their helping others and trying to make their pain go away..i thought its the same all around the world..
but again , i think i know what u mean, a smile of an iraqi patient would feel warmer.. kinder, more appreciative..
in the end, each one of us feel the Ghurba in his own way..
regards..
Dear a&eiraqi,
You are right, when you get touched by an impressive sentimental event or scene you can't control your falling tear drops and that add a credit to your personality instead of weakening it as some people think...
Also personality comes as a result of how you treat people and what type of implemention you leave with them.
Stay safe
you brought a smile on our faces through your blog, brother. You made us think deeper about some of the topics you wrote on your blog. You shared your thoughts and opinions with great apprehension, passion and determination... all this a great proof of how powerfull is Shekhsitek?
I think one of the blessings is that I live in a country where part of its people nature is to help others, and with a big smile. If you are lost on some street you will find people come to you without notice and ask you if you are looking for something... It happened to me and to many I know.
Post a Comment