سكتَ الجدار ونطقتْ الحمير

يعدُ السيرك مكاناً للبهجة والترفيه عن النفس, يستمتع الأطفال بمشاهدة المهرجين وقد صبغوا وجوههم بألوانٍ تجعلهم مضحكين ثم يبادرون بالقيام بحركات مضحكة تعطي إنطباعاً بأنهم أغبياء وأحياناً يقوم أحدهم بنصب فخٍ للآخر ويجعل منهُ محطةً للسخرية , بالإضافة للمهرجين هنالك الساحر الذي يؤدي خدعاً الجميع فَيُّهل الجميع لِبراعتهُ وخفة حركة يديه , ومن الجدير بالذكر أن هنالك مجموعة من الفتيات الجميلات الواتي يؤدين الرقصات والألعاب البهلوانية ليضفوا جمالاً عليها ويجب أن لا ننسى ذكر الحيوانات التي تشارك أيضاً بأسلوب جميل ومُشوق, في المحصلة يقدم الجميع إستعراضات جميلة تُفرحُ الصغار وتزيل الهم عن قلوب الكبار فيخرجوا غير نادمين على المال الذي أنفقوه .

لسوء الحظ يمتاز السيرك الذي أعرفهُ بأنهُ الأبشع على الإطلاق و إن عروضه مثيرةٌ للضجر إن لم تكن
سخيفة أو مُرَوعة في بعض الأحيان!كلاب سائبة وغربان وأفاعي,نباح وعويل وصراخ , المهرجين لا يصلحون إلا لأداء العروض المأساوية ويعجزون عن إضحاكِ أحد حتى عندما يبادرون بإهانة بعضهم البعض والعاب الساحر مملة , أما الفتيات الجميلات فقد أُستبدلوا بمجموعة من الحيزبونات الشريرات الواتي يتشحن بالسواد ويرتدين أقنعة ويبثوا سموماً و تعويذات شريرة إذاما فتحوا أفواههم, فالمحصلة منه تكون ضجراً وإنزعاجاً ورعباً في بعض الأحيان مع العلم أن أُجور أعضاء السيرك باهضة جداً لا يمكن مقارنتها بأي سيرك في العالم ومدفوعة مقدماً.

في العرضِ الأخير لم أُصب بالملل فحسب بل فقدتُ أعصابي إذ أن المهرجين تجاوزوا حدود السُخف المسموح بها ,فقد رفع المهرجون والحيزبونات والقردة أيديهم مطالبين برفع دعوى قضائية على ضد قناة الجزيرة بتهمة عرض برنامج تمت فيه الإساءة لرمز السيرك .

يبدو أن مهرجي السيرك المسمى ب(البرلمان العراقي) يظنون أنهم قاموا بحل كل مشاكل البلد! فالكهرباء متوفرة بإستمرار والوقود فائض عن الحاجة والشعب في جولات سياحية بين سوريا والأُردن ودول العالم الأُخرى,لم يقبل أحد ان يُسجل إسمهُ في سجلات مفوضية الاجئين لرغد الحياة داخل البلد, مع العلم أن هواة المخيمات ممن ذهبوا كلاجئين يعيشون بأحسن حال , هذا بالإضافة الى من تنقل داخل البلد من مدينة الى أُخرى تاركاً بيتهُ وعملهُ لغرض التغيير ليس إلا , خصوصاً وإن العراق لم يشد وضعاً أمنياً مبهجاً كاليوم منذ عهد هولاكو.

السؤال المطروح الآن : لم يتقبل السيد السيستاني أمراً كهذا ؟والى متى سيبقى ساكتاً يتفرجُ على مهازلٍ تحصلُ لأجلهِ؟الى متى سيبقى ساكتاً على إستخدام إسمه كما لو كانَ عقاراً لِتخدير الناس ؟
قبل عامٍ ونصف سكت على إستخدام إسمهِ كما لو كان علامة تجارية مسجلة في إعلانات الإئتلاف الموحد وسكت على مهزلة التباكي دفاعاً عنه عندما أساء لهُ أحدهم من خلال الجزيرة أيضاً,
واليوم هو يَسكُت على رفع قضية ضد الجزيرة لمجرد أن أحدهم إنتقدهُ أو هاجمه, أين ما ندعيه من التسامح والتجاوز عن الإساءة وما الى ذلك ؟
أنا لستُ هنا أُدافعُ عن الجزيرة ولكن لو قام صدام بغلق مكتب الجزيرة لأنهم أساؤا له لقلنا أنهُ لا يكترث للعراقيين الذين سيفقدون رزقهم من جراء قرار كهذا فهل يكترثُ السيستاني ؟

بحسب الدستور العراقي و(الذي لم يتم إحترامه أبداً حتى من قبل الذين كتبوه ) إن حرية المعتقد مكفولة للجميع وكذلك حرية التعبير , كانت الإساءة الى صدام تُعدُ جريمة فما أشبهَ اليومُ بالأمس إذا كانت الإساءة للسيستاني يتم الرد عليها اليوم بهذا الإسلوب فأبشروا بقطعِ ألسنٍ قادمٌ بعد حين يبدو أن جلَ ما منحناُ من حرية التعبير هو حرية الإساءة ل(صدام) بعد رحيله!.
إذا كان هنالك شخصٌ تعرض للإهانة فمن حقهِ رفعُ قضية في المحاكم والمطالبة بما يريد لرد الإعتبار ولكن الموضوع برمته ليس موضوع الإساءة لشخص بل الإساءة لما أُعتُبر أنهُ رمزٌ ديني!!
من حقنا ان نتساءل عما يُقصد بالرموز الدينية مالذي يمنح شخص رمزية من دون سواه , هل يُعدُ حارث الضاري أو عدنان الدليمي رموزاً دينية؟ ألم يبادر رئيس الوزراء العراقي بطرد أحمد السامرائي وهو رئيس الوقف السني ؟ ألا يُعدُ هذا تعدياً على رمزٍ ديني ؟ مع العلم أن لا أحد ممن ذكرت بما في ذلك أية الله يعدُ رمزاً .

لَمْ يبادر البرلمان العراقي برفع قضية ضد الرسام الدنيماركي الذي أساء للرسول (ص) ولا ضد كل من أساء لأحدِ الأديان ولستُ أُطالب بذلك, ولم يُهدد البرلمان بمقاضاة كل من يُسيء للمساجد و الحسينيات والكنائس والتي تم حرق الكثير منها فهل السيستاني أكثَرُ رمزيةً من هذهِ الرموز؟.
.
يقول رسولُ الله (ص) : {لَزوالُ الكعبةِ أهونُ عند الله من قتلِ مسلم}و يقولُ أيضاً {من آذى ذمياً فقد آذاني} , هل سيرفع البرلمان دعاوى قضائية ضد أعضائه الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين أو ضد قوات الإحتلال؟
لا أظن أنهُ ستتم مقاضاة أو معاقبة من يسيء لإسم الله(سبحانهُ و تعالى)!

.أنا أعلم أن السيستاني يُلقب ب (اية الله) ولكن لم يخبرني أحدٌ أنهُ اللهُ نفسه!!