Sunday, 11 February 2007

كلمة من المعجم

انطلاقا" من حرصي على لغتي العربية ؛ اللغة الأم , لغة الاباء والاجداد واللغة التي تجمعنا مع الشعب العربي الأبي (شعب الله المحتار ) , قررت أن أخذ احدى مفرداتها واتناولها بالتفصيل الي أن شاء الله ما يكون ممل , ووجدت ان هنالك لفظٌ بات واردا" في ايامنا هذهِ فوقع اختياري عليه . إنَ هذا اللفظ هو "علآس" وهو صغية مبالغة مشتقة من الفعل "علسَ" بمعنى :مضغ بقوةٍ , وأسم الفاعل منهُ "عالس " وهذا فد واحد قام بالعلس مرة واحدة , اما اسم المفعول فهو"معلوس" وهذا ؛ امه كاعده تدك وتلطم وباقي الأهل في حالة من اثنين ؛ اما محظوظين فيكونون كاعدين يبيعون حالهم ومالهم حتى يدفعون الفدية وأما بختهم اسود وناصبين جادر الفاتحة .

إن عملية "العلس " للذين لم يسبق لهم التعرف عليها ؛هي ببساطة ارسال معلومة من فد خوش ادمي الى مجموعة تزخر بالخوش اوادم من قتلة ومجرمين عن فد ابن خايبة , تبدأ بعدها حياة ابن الخايبة بالتحول الى جحيم .فهي عملية لا تتطلب مجهودا" كبيرا" ولكنها تدر مالا" وفيرا" على ممارسيها .

و عملية "العلس" مرتبطة بحياتنا منذ وقت ليس بالقصير , اذ اذكر اننا عندما كنا صغارا" وبسبب الحصار وعدم توفر انواع اخرى من المكسرات كنا نعلس حب شمسي , طول الوقت نشتري من حانوت المدرسة حب شمسي ونفتر بالساحة ونعلس .

لما كبرنا ؛ كبر العلس ايضا" ودخل افاق اخرى الا وهي الحب والغرام , وكان كل يوم واحد من اصدقائنا يروح يصارحله وحده ويرجع معلوس يعني مضروب بوري ابو الانج ونص واحيانا" يكو هناك فد ولد حباب راح للبنية وقام لدوافع اخوية بحته ب"علس" صاحبنا الذي كان عادة" ما يسلك احد طريقين , اولهم هو الانصياع وراء نصائح اصدقاء الخير وابناء الحلال والتي تقضي بأن أفضل طريقة للنسيان وتجاوز الأزمه هي المباشرة بشرب العرك انطلاقا" من الأهزوجة المعروفة " المايشرب عرك ما عنده شخصية" ويعود صاحبنا بعد حين ليردد "بيرة وعرك جريت حسبالي انساك ...كل ما أجر البيك بالمزة الكاك" , الطريق الثاني كان يتمثل في البحث عن اخرى او أعادة المحاولة لاحقا", والله كريم .


مع زوال النظام البائد ودخول بلدنا العزيز المرحلة الهامة , مرحلة الحرية والديمقراطية , دخل العلس حياتنا من اوسع الأبواب , وازدهرت هذه المهنة لتضحي واحدة من اقوى المهن وأهمها ويفرض صاحبها احترامه على الاخرين والي .ما يعجبه خلي امه تفصللها كم ثوب اسود لأن راح تحتاجهم .

لغرض الأمانة في نقل الحقيقة ؛علي أن أذكر أن فكرة "العلس" كانت موجودة في مجتمعنا رغم عدم اكتسابها نفس التسمية , حيث لم يقصر كل من الرفاق البعثيين وعناصر الأمن العام والأمن الخاص والمخابرات وغيرها من الاجهزة الامنية في علس كل من تسول له نفسه الأساءة الى ابو الليثين أو التقصير في احدى المهام الموكله للفرد وذلك من خلال كتبة التقاريرالي تدز الناس تسعة بأسود.
ويروى أن احد الرفاق الأشاوس من طلبة كليتي قام بكتابة تقرير علس من خلاله ابوه المتواني في خدمة الوطن وحصل هو على ترفيع في الدرجة الحزبية, وبصراحة هيجي اب يستاهل , أولا" مو وطني ما فيه الكفاية وثانيا" ما عرف يربي ابنه .

بعد الحرب كما ذكرت نشط العلاسون واصبحوا في كل مكان يهيمون , حتى ان واحدهم صار يدخل للمحل بحي الجامعة ياخذ الموبايل الي يعجبه ببلاش وابو المحل هو الممنون ؛ اي قابل جايز من عمره !!!

وأخذ الموضوع يتسع وهذا طبيعي و معروف للجميع , غير الطبيعي هي الأخبار التي اسمعها عن الأطباء في العراق وما يواجهون نتيجة نشاط اخواننا العلاسين , قبل ايام اتصل بي اسامة , هو هسه بالأردن يفتر بالمولات يدور بنات , شكو ماكو شاخبارك ؟ كانت هذي اسألتي المعتادة "راح اكلك فد شي بس خلي بيناتنا" هو رد علي , كتله " كول ابو"
" كل عائلتنا خايفة من ابن خالتي " , انا جاوبت " ليش؟!" , " احنا شاكين بيه علاس , وحتى خوالي خايفين " , ببساطة خالة صاحبي متزوجة واحد من غير مذهب قبل تلاثين سنة , هسه قرر ابنها ان ينتقم من باقي العائلة لأنهم يتبعون غير ملة وهذا ما أسميه (صلة رحم), بالمناسبة الولد كال خليها بيناتنا موتكولون لأحد ترى هذا سر.
في نهاية المطاف الموضوع عائلي ومو من حقنا نتدخل .

قبل يومين اتصل صديقي اللاخ من سوريا " ها شلونك شنو دتسوي ؟" كالعادة هذي اسئلتي " والله كاعد وساكت" وللعلم ؛ كل الخريجين الجدد كاعدين وساكتين , المهم الولد سألني "اكلك:تعرف فلان و فلان ؟ شفتهم البارحة هنا" " اي طبعا" اعرفهم , هذولي اثنينهم مقيمين اقدمين باليرموك واحد سنة اخيرة بورد جراحة واللاخ سنة اخيرة بورد كسور, شنو ديشتغلون بسوريا لو جايين ديتونسون؟ " , " وين يشتغلون يمعود ؟ اثنينهم عافوا البورد وكاعدين هنا ربات بيوت , اليرموك كلش مو زينة وصايرين يسموها منطقة العلاسين "
طبعا" حمدت ربي وشكرته لأن معدلي عند التخرج كان ناصي وما فد يوم فكرت بالبورد , بس تحسرت على كل الشطار الي ديتراكضون خايفين من العلس , واحد منهم صديقي أخصائي الجراحة الي أنعلس وأضطروا اهله لدفع فدية وبعد ان تم تعذيبه , اطلق سراحه وانطرد هو وأهله من العامرية بهدوم العليهم .

طبعا" تأثير العلاسين ليس محدودا" بالأطباء فحسب ولكن كل عراقي شريف هو مشروع علسة عاجلا" ام اجلا"

سأكتفي بهذا القدر عن كلمة اليوم "علاس" حتى التقيكم في كلمة اخرى من معجم الموت العراقي ادعو الله ان يكفينا واياكم شر العلاسين وأن لا يجمعنا معهم يوم القيامة . وأن لا يجعلنا من المعلوسين في الدنيا والاخرة .
وفي الختام هذه القصيدة لأحمد مطر كفيلة بوصف واقع العلس في مجتمعنا

الناس للناس
أم عبدالله ثاكل....مات عبدالله في السجن ....و ما أدخله فيه غير تقرير عادل ...عادل خلّف مشروع يتيم ....فلقد أُعدم و الزوجة حامل....إذ جاء في تقرير فاضل أنه أغفل في تقريره بعض المسائل....فاضل إغتيل...و لم يترك سوى أرملة… ماتت و في آخر تقرير لها عنه إدّعت أن التقارير التي يرسلها… دون توابل....كيف ماتت ؟...بنت عبدالله في التقرير قالت أنها قد سمعت في بيتها صوت بلابل !إنها جاسوسةٌ طبعاً…و جاري فوضويٌ و شقيقي خائنٌ و ابني مثيرٌ للقلاقل !.....سيموتون قريباًحالما أرسل تقريري إلى الحزب المناضل.....و أنا ؟بالطبعِ راحلْ.بعدهم… أو قبلهم ....لا بد أن يرحمني غيري بتقرير مماثلْ.نحن شعبٌ متكافلْ !

3 comments:

Bassam Sebti said...

لتروح تنعلس يمعود! العلاسة بكل مكان ههههه

Marshmallow26 said...

A well written post...

you know what I had written a post back in December suchlike yours with different intention.

Check it out when ever you have time:
http://iraqi-roses.blogspot.com/2006/12/alice-in-wonderland-country.html

3eeraqimedic said...
This comment has been removed by the author.