Wednesday 24 January 2007

مأساة عراقية

ليس ما ستقرأون جريمةُ صدامية ولا مقبرةُ جماعية , لست هنا لوصف ظلم المليشيات ولا لتأكيد وحشية الأرهاب , لدي قصةُ من نوعٍ اخر .بطلتها فتاةُ بريئه كل جرمها انها احبت , أحبت بصدقٍ ولأول مرةٍ في حياتها , احبت من لم يستحق حبها , احبت بطهر وبراءة , لم تفكر في مادياتٍ ولا مظاهرَ خداعة , فكرت في مثلٍ وقيمٍ عليا , اعجبها الحديثُ عن الاخلاق , عن الدين , عن الصواب وتجاوز اخطاءِ الاخرين , رسمت في مخيلتها صورةً رائعة لرجلٍ لم يكن اهلاًً لهذا الصورة.
لن اكون مع طرفٍ على حساب الاخر , لن انتقده ولن ادافعَ عنها , سأكتفي بالسرد واترك لمن يقرأ الحكم .

كانا معا" , تعرف عليها بالصدفة في مكانٍ مزدحم , جذبته قوة شخصيتها وقدرتها على التصرف في المواقف الصعبة , تقرب اليها , احبها ,احبها بصدقٍ , وخطى الخطوةَ تلو الاخرى , جذبها اليه , تعرف الى عائلتها , كان كلُ شيءٍ في النور كما يقال . اقنع الاهل وتمت الخطوبة , لم تكن فرحتهما تسع الدنيا , كعصفورين كانا يتجولان , كل كلمات الحب كانت عاجزةٌ عن وصفِ ماهم فيه , كانت تلك اسعد لحظاتِ حياتها , ولربما بدايةٌ حلوة لمعاناةٍ طويلة .

شدت من ازره وتنازلت عن حقوقٍ كثيرة , اخبرته انه يمثل لها الدنيا وما فيها وأنها لا تريد اكثرَ من ان تحيا معه , هو ايضا" لم يكن يفكر في امورٍ دنيوية , كان كلُ همهِ ان يسعدها فأن لم يستطع , فأضعفُ الايمان أن ينصفها .

قرر السفر ليثبت وجوده فلا مستقبلُ له في بلد التفخيخ والتفجير , وافقت واخبرته انها ستنتظره وانه املها في الخلاص . رحل فكانت البداية , بداية التغيير , بداية العذاب والمعاناة , بكلمةٍ واحدة بدايةُ المأساة .

ظل على تواصلٍ معها , يهاتفها كل يومين , يسألُ عنها لا ينقطعُ ابدا", يستفسرُ عن احوالها ويتأكد بأنها على احسن مايرام , اهله كذلك يفعلون , والعلاقةُ بين العائلتين اكثر من ممتازة , يقول للجميع اني وجدتُ كنزا" , يجتمع فيه الحب مع العقل وطيب الأخلاق , كنزٌ انعم الله علي به وليس لي الا أن اشكر النعمة .

هي كانت متعبةٌ جدا" مما يجري في البلد , لستةِ اشهر لم تخرج من البيت لسوء الأوضاع في مدينتها , مدينةٌ تلتهب والموت فيها اضحى مألوفا", كانت تحاول اخفاء هذا التعب كي لا تقلقَ من احبت , احس بهذا الأمر وقدره كثيرا".
ولكن , تدريجيا" حصل هنالك تغيير , تغييرٌ لم يكن في الحسبان , تغييرٌ الم بالفتى داخليا" وبدأت تجول في خاطرهِ افكارٌ شاذة , بدأ يفقدُ الاحساسَ بالحب ! صارت العلاقة روتينية والمكالماتُ الهاتفية مجرد قضاء فرض , حاول مقاومةِ هذه الافكار اللعينة , تأمل كثيرا" , تذكر الايام الخوالي ولحظاتُ الحب , فكر بعقله ووضع المشاعرَ جانبا", وفقا" لحساباتهِ الشخصية : هذه الفتاةُ جوهرةٌ لا تضاها , كما ذكرتُ مسبقا" نعمةٌ من الباري .


بذل ما في وسعهِ لتحاشي هذهِ الافكار , حاول اشغالَ نفسهِ بأيِ شيءٍ فقط لتجاوز المرحلة , اقنع نفسهُ ان المسألةَ برمتها ليست الا ضغوط الحياة وسيجتازها قريبا".

بدأت تشعر هي بالأمر , بدأت تحس بتغييره , كتمت الامر في قلبها , اقنعت نفسها انه يمر بمرحلةٍ صعبة وان هذه المسألة طارئة ليس الا .ولكن بدأ الأمر يقلقها بعد حين , فقد كف هو عن قول كلمات الحب , بدأ يتعاملُ برسميةٍ بحتةٍ معها . تعجزُ اي امرأةٍ عن تحملِ هذا !! ولكنها تحملته وانتظرت , من جانبه هو كتم الأمر وحاول اخفأهُ عنها , عل الأمر طاريٌْ وسيزول .
طالت المدة وبدأت المسألةُ تتعقدُ أكثر فأكثر , بدأ يمل حديثها ويكتفي بأداء الواجب , اندفعت بكلِ مالديها من عواطف محاولةًً اصلاح الموقف وجذبهُ اليها مجددا" , تفننت في كلمات الحب , فما نالت الا الصد , صدٌ تحاشى فيها جرحها ولكن كيف لا يُجرحُ من يُصدْ؟تقربت اكثر فتهرب اكثر , بعد حين ما كان لهم الا المواجهة , العاشق الولهان وبكل بساطة نسي عيدُ ميلادها , مسألةٌ جعلتها في حرجٍ مع نفسها قبل أن تكونَ في حرجٍ مع اي احد , لقد استعدت لعيد ميلاده قبل الموعد بأسبوع , ابدعت في وصفِ مشاعرها في يومه ولكنه نسي يومها , سيظن البعض ان هذه المسألة هينة , هو نفسه احس بتأنيب الظمير , هاتفها في اليوم التالي بعدَ ان تذكر , اخبرتهُ بأن لا مشكلة في ذلك وجلَ من لا ينسى , اخبرتهُ انها تَعدُهُ طفلهاالمدلل وصديقهاالعزيز وحبيبها , اسمعتهُ احلى الكلام وكتمت مافي داخلها من معاناة.لم يتحمل هو كلَ هذا , فقد ايقن تمامَ اليقين انهُ لا يكنُ لها ايةَ مشاعر , اعتبر ان في هذا ظلم وانها ستصدمُ فيهِ لاحقا", كثيرٌ هذا جدا" , اكثرُ من طاقةِ البشر , فقرر ان يواجهها , اخبرها بالأمر , بلا رحمةٍ قال لها انه لا يشعر نحوها بشيء , بلا شفقةٍ قال لها انه لا يدري ماذا يفعل وانَ لها حريةَ الأختيار بين البقاء معهُ من دون حب أو تركه .
ان هذه الكلمات اقسى ما يمكن ان يواجهَ المرأةَ اذا احبت , وضعت هي في مأزقٍ لتختار بين ان تترك املها , ان تنسى كلَ احلامها وبين ان تعيش معهُ بلا حب .
بدأَ الأمر يأخذُ ابعادا" اخرى , بدأت تفكر بأهلها , اهلها الذين فعلوا امرا" غريبا" عندما وافقوا على زواجِ ابنتهم من رجلٍ غريبٍ عن العائلة لا بل غريبٌ عن المدينةِ برمتها , اهلها الذين اصغوا لها ووافقوا عليه رغم رغبتهِ بالسفر
ماذا سيحلُ بهم ؟ كيف ستواجههم؟ وكيف سيواجهوا هم باقي الأهل؟ ماذا سيقالُ عنها وعن اهلها ؟ على من يفكر في هذا الأمر ان يأخذ في اعتبارهِ طريقة تفكير الناس في القرى والمدن الصغيرة , لاءن الموضوع بالنسبةِ للاخرين اهون مما بنسبة لأهل المناطق الصغيرة .
من جانبهِ هو واقعٌ في حيرة , ليس الغدرُ من شيمه , يعلم أنها تعاني ويتعذبُ لحزنها , ليس بودهِ أن يجرحها ولا ان يحزنها حتى , قلقٌ هو عليها , ولكنه يعلمُ انَ لا مشاعر لديهِ نحوها . رغم ذلك , اعتبرَ أن المشاعرَ مسألةٌ ثانوية وان الزواج والعشرة قادرين على خلق المحبةِ تدريجيا", تذكر ان في هذه المرأة كل المواصفات التي يرغبها, وهو لا يحب سواها ليصبح بين نارين , اخبرها بذلك عرض عليها الأمر وقال لها انهُ مسؤولٌ عن تصرفاته ويريد الأستمرار بماقد بدأهُ.
المشكلة انها لا تستطيع التحث الان , هي في حيرةٍ من امرها , اين الحبُ الذي غطى ارجاءَ الكون ؟ اين كلماتهُ العذبة؟ ماذا عن اللحظات الجميلة ؟ هل كان كلُ هذا نزوةٌ عابرةٌ من نزواتِ شابٍ طائش؟ ان كان الامر كذلك , فلم هي من دون البشر ؟ هي لم تسيء لأحدٍ يوما",لم تكن حتى تحلمُ بالحب , كانت مقتنعةً ان الزواج يتم عن طريق خطبة من خلال الأهل والمعارف , مالذي رماه في طريقها ؟ اهو حظها العاثر؟ ام انه غدرُ الزمان؟

يقولون ان من الممكن تحول الصداقةُ الى حب ولكن العكس مستحيل

هاهم الان كليهما في حيرة من امريهما , هو يقنع نفسه بالألتزام بوعوده وان عليه وزرُ افعالهِ وهي لاتعرف ماذا عليها ان تفعل

الحب القوي تحول الى ماساة ,مأساةٌ لم تبدأ بعد, ولكنها تتكرر كثيرأ في بلد ارتبط اسمه بالمأسي , هذه القصه تتكرر كثيرا" في بلدنا , الاف الزيجات تنتهي نهاياتٍ مأساوية وكثيرٌ منها يستمر رغم الألم لأرضاء الناس وكف كلامهم
نضحي براحتنا لارضاء المجتمع , ندفع ثمن رجعية العقول وفقدان الثقة بالنفس .

سيقول البعض انني اغالي في الأمر وأن القصة عادية , اجل هي عاديةٌ بالنسبة لنا , ولكنها مأساةٌ لمن يعيشها

قالتلي " فرشته " يوما" أن الرجال كلهم انانيون , غضبتُ كثيرا" واتهمتها بالعنصرية وقلت لها انها معقدة , عذرا" يافرشته ولكن يبدو انك قد صدقتِ ففي مجتمعنا ولسوء الحظ يفعل الرجلُ مايشاء وتدفع المرأةُ الثمن .
ساترك لكم الأمر لتحكموا فيه كما تشاؤون .

11 comments:

Marshmallow26 said...

Dear a&eiraqi,

It is such a sad story that reminded me of what I had been through last year but my case wasn't so developed, like I wasn't engaged even, I was just in love with "him" and he was the same, but I can blame my family a little bit too for convincing me to forget him!!
I felt like a sledge hammer fell on my head when he apologized to continue with me, I was a heart broken for months but thanks to God I wasn't involved with him, neither engagement nor marriage...

I am sorry dear but let me say that men have some selfish taste flowing in their blood!!

God post

Little Penguin said...

I used to think it's just an Arab thing for men to be incosniderate and self-centred when it comes to dealing with the opposite sex. looks like it really is something in their psychological make-up that drives them in this direction..

A sad story, indeed. Allah yas3id il bnayya and all those like her. These are problems that our society seems to have inflated beyond control.. if only people didn't care and talk and gossip so much..

thanks for sharing doc..

Regards

Anonymous said...

إنه شخص اناني وهي من دفعه ثمن انانيته ... صحيح ان المرأة مغلوب على امرها بسبب التقاليد والعراف الباليه .... موضوع جميل ... اتمنى لك التواصل والتقدم ... اختك بنت البصرة

ahmed said...

I've been heartbroken, it sucks. But, seriously, what can he do? Wouldn't it be better if he just told her? Isn't it better from continuing this dysfunctional relationship into a marriage that may or may not fail (Depends on their mentality and upbringing and how much does traditional marriage means for them), and in the end he may cheat on her because he does not love her.

I say he did the right thing, it hurts, but it's the right thing.

Iraqi said...
This comment has been removed by the author.
Bassam Sebti said...

I think he never loved her from the very beginning. I think it was a matter of spending time with her even if he felt he loved her. In a country where every thing is boring, people try to amuse themselves. He loved this women because he wanted to find something to change his life but when the real change came, he forgot about her. He believes he is free now and he is. His freedom opened so many roads for him that he forgot about his "love" to her.

I feel so sad for her and for him as well. They both have no choice but to be victims of this unfair world.

Here is another heartbreaking story:

http://www.irinnews.org/report.asp?ReportID=57180&SelectRegion=Middle_East,

3eeraqimedic said...
This comment has been removed by the author.
A&Eiraqi said...

Hi Everybody
Dear Marsh, I've said that I think Firisgteh was right , yet , I'm not sure about your story , when he decided to stop , was he in love with you or not , I'd like to clarify to everybody that , the problem of this guy is with the circumstances but with his feelings, he doesn't feel anything toward her , this is the main point .
Dear Bint Al-Basrah , you've siad that he is selfish , but I don't know why you've said that, is he selfish because of saying that he is not in love or because he wants to stop the story ?

It seems that men (Little penguine , B.T and Konfused kid ) are less harsh to the guy than women .

Dear 3raqimedic , you're right and I've heard it manytimes , yet did they stop being in love with their lovers or they found other ones , because this guy hasn't been in another love story , to import a women is the most horrible thing because I know many stories about the horrible life they live .
I think we need to clarify our points of view more , because this problem is quite common in our society .
Good luck

Little Penguin said...

there's nothing more shocking than imported wives.. I just don't understand how they cope.. they leave their families and friends and neighbourhoods just so that they marry their 'warda' cousin who thinks all girls in his european city are not good enough..

I may a bit judgemental there but i'm really against this idea..

you never know, bachir 3ugba I might have to resort to that.. but not because I think london girls are not good enough.. they'll think im not good enough.. lol.. Allah Kareem..

brilliant topic of discussion Doc..

Regards

kuwait said...

السلام عليكم

أختي الغاليه هي نفس الحكايه

بنفس التفاصيل تتكرر في أي بقعه

من العالم لاتختلف المرأه الكائن المستضعف

والرجل الوحش العديم الضمير الذي لايريد

سواء ارضاء نزوات عابره ..اسمحي لي اختي

هذا مفهوم الجاهليه الأولى من عرف

الله وعرف ديننا وخاف الله في نفسه والله لن

يصيبه مما وصفتيه من القصص الحب ولوعته

وعذاباته لما نرضى لنفسنا الأذى

والمهانه والله أكرمنا ..

يبقى ان اشكرك واقولك بصدق استمتعت

بزيارة هذه المدونه

A&Eiraqi said...

السلام عليكم
الأخت كويتية مقهورة , يبدو ان هنالك سوء فهم لديك يا اختي , باديء ذي بدء انا اخوك ولست اختك .اذ يبدو انك لم تلاحظي هذا الامر .

اختي العزيزة , يرى البعض ان الرجال انانيون بعض الشيء , وهذا بالأخص في مجتمعاتنا الشرقية , اذ يتسيد الرجل بحكم المجتمع لا لخصائص فيه او لتفوقه على المرأة في شيء , ولكن دعينا لانذهب بعيدا" , اذا كنت تظنين ان الرجل هوالوحش عديم الظمير , فهذا الكلام ينسحب على والدك واخوانك وكل من في الاسرة في الذكور , سينسحب هذا الكلام على كل رجل في مر العصور , لا أظن ان الانبياء وكثير من الشخصيات الهامة في التاريخ يمكن ان توصف بالوحشية , هل كان غاندي وحشا" عديم الظمير ؟

الأمر الأخر هو ان الحب ليس بخطيئة مهما كانت نتائجه , الحب هو مشاعر نبيلة نحياها او نستسلم لها , لأنها في داخلنا , زرعها فينا الله , فهل سيحاسبنا الله على ما زرع فينا ؟

لك جزيل الشكر وللقصة بقية