التغيير الذي طرأ على حياة زكية زوجة عباس ابو اللبلبي أثار دهشة الجميع و خصوصاً زوجها.
زكية أصبحت تبذل ما في وسعها لقضاء شغل البيت بأسرع وقت ممكن, طبخ, تنظيف, تعديل المهم كلشي خلصان و الكل متعشين و ماعدهم كل طلبات قبل التاسعة مساءً و الي عنده طلب بعد هذا التوقيت يشوفله حايط و يركع راسه بيه.
الموضوع و ببساطة هو أن زكية حالها حال الملايين من سيدات الأمة العربية قد أضحت مولعة ب(مهند ونور).
و خصوصاً ب(مهند) فتى أحلام تسعة أعشار النساء في الوطن العربي.
و (مهند) هو أسم مدبلج لبطل المسلسل التركي الذي شغل الشارع العربي و أثار مشاعر كانت مدفونة تحت انقاض الزمن الأليم.
زكية تتسمر أمام شاشة التلفزيون و تتعابع كل كلمة و كل همسه باندماج و تركيز لم يحظ به أحد منها في يوم من الأيام بما في ذلك زوجها عباس و لا حتى في ليلة عرسهم.
غبي كل من يفكر في التفوه بكلمة و زكية تشاهد المسلسل, فجزاؤه يتراوح بين(عيطة قوية) مروراً ب(قزرالقط) و لا يتوقف عن(من الله يخنك و يخلصني منك).
مهند أضحى جزأً لا يتجزأ من حياة زكية, أو بالأحرى كلمة السر التي يمكن أن تفتح كل الأبواب الموصدة, لدرجة أن عباس أضحى يحلفها(بداعة مهند سويلنا شاي).
المشكلة تتفاقم في أيام معينة, ألا وهي أيام حصول مباراة كرة قدم في توقيت المسلسل, عباس من المولعين بكرة القدم و بالتالي هو سيد المنزل و لا يمكن أن يتناقش في هذا الموضوع, و زكية مهزومة لا محالة, زكو تطلع من الغرفة وهي تدردم( والله عمن تغار من هنودي, خابصني برونالدينهو, مو هي الطيور على اشكالها تقع, هو انت هم خلفة الوحدة تباوعلها).
الموضوع طال و عرض و المسلسل كان له بداية و ليس له نهاية و حلقاته تجاوزت المئة بكثير و زكية لم تكل و لم تمل و تشوف الحلقة و الأعادة, لا بل تمادت و تريد تحبل و تجيب ولد حتى تسميه (مهند).
عباس حال الظيم حاله لأن الحل و الربط يم مهند.
و فجأةً و من دون سابق إنذار جاءت فتوى المرجعية بتحريم المسلسلات التركية, جاك الفرج عبوسي, عباس منع المسلسل التركي من أن يشاهد في البيت إمتثالاً لأمر المرجعية الدينية, دموع زكية لم تجف بعد.
فهي ممنوعة من متابعة مهند و نور, لا يمكنها أن تعيش معهم اللحظات الرومانسية الدافئة التي لم تحظ بها يوماً مع عباس.
لا تستطيع أن تستمع للكلمات الرقيقة التي لم يتفوه بها عباس يوماً, حرمت زكية من أن تشاهد مهند و هو يقاتل من أجل نور, و هو ينظر في عينيها, و هو يبكي من أجلها, و هو يحظنها أو يركع تحت قدميها, ببساطة حُرمت زكية من أن تتذوق نكهة الحب حتى لو من بعيد.
زكية ليست إلا رمزٌ من خيالي بعد أن أدهشني اهتمام الشارع بالمسلسلات التركية, انا لم أتابع هذا المسلسل يوماً, أنا حتى ليس عندي تلفاز, و جل ما شاهدته منه مقتطفاتٌ لم أرى فيها إلا روتيناً و سلسلة مغامرات نهايتها انتصار الخير و الحب.
ما أثار دهشتي هو اهتمام الشارع و خصوصاً النساء بهذا المسلسل, هذا الاهتمام لا يعكس إلا واقع أن المرأة العربية محرومة من الإحساس بالدفء, محرومة من الحب, متعطشة للرومانسية ولو كانت وهماً.
السؤال هو لماذا تم تحريم هذا المسلسل؟لماذا التحريم؟
بالنسبة لي هذا المسلسل لا يستحق أن أتابع منه ولو نصف حلقة و هو لا يستحق إضاعة الوقت, و لكن هل هذا هو رأي الجميع؟ قطعاً لا.
لقد عجز رجال الدين عن فرض منطقهم فلجئوا للتحريم, بالأحرى هم أصلاً لم يحاولا أن يطرحوا منطقاً أو أن يناقشوا القضية.
السيستاني المختبئ في جحره صرح بتحريم هذه المسلسلات, لماذا لا يخرج السيستاني و يعطي دروساً للناس في وقت بث المسلسل و سنرى من سيحظى بجماهيرية أعلى, أليس هو المرجع الأعلى.
هل لاحظنا أن أي فتوى بالتحريم قد صدرت مع تأكيد أن يراعي الرجال مشاعر النساء و أن يوفروا لهم كماً من الرومانسية.
هل يستطيع أحد أن يذكر متى قال كلمةً ناعمة لزوجته, متى حاول أن يحسسها بالحب, بالأمان, بالحنان؟
هل حاول رجال الدين أن يوصوا الرجال بأتباع رومانسية الرسول(ص)؟
هل حاولوا أن يفكروا بالواقع المرير الذي نحياه؟ هل حاولوا أن يتفقوا على موعد موحد لصيامنا و إفطارنا؟
أم أنهم قرروا أن يغطوا فشلهم بلوم الناس و اتهامهم بالسوء و الجهل.
ليس مهند إلا دليل على واقع الفراغ الذي نحياه......عاش الحب .....و ستبقى زكية تحلم بمهند
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment