Thursday 8 November 2007

ليلى و الذئب

أنهت ليلى إقامتها الدورية في مستشفيات بغداد لتدخل مرحلة جديدة تتمثل في العمل في القرى و الأرياف؛ على العكس من كل زملائها و زميلاتها إعتبرت ليلى هذه التجربة بمثابة الفرصة الذهبية في حياتها لتتعامل مع الناس البسطاء و تقدم المساعدة لهم.

كان يومها الأول مشجعاً فقد تم إستقبالها من قبل أهل الديرة الذين رحبوا بها على طريقتهم و تركوا صينية الغداء في محل إقامتها.
الديرة صغيرة و أهلها معدودون يعرف أحدهم الأخر؛ أبو محمد الذيب هو (ﭽفجير المحلة) رجل خيِر و إبن حلال و سيد ؛ يفتي للناس في المسائل الدينية و الإجتماعية و يمثلهم في المجالس البلدية مع إرتباطه بأحد الأحزاب كما يشغل مع زوجته منصب وكيل الغذائية.
ليلى بفطنتها أدركت ان لكلِ مكانٍ تقاليدهُ الإجتماعية و عاداته فبادرت الى تحاشي لبس ما يمكن ان يخدش مشاعر الآخرين في الديرة ففضلت الإكتفاء بإرتداء التنورة الطويلة و منعت نفسها من البنطلون.
بدأت ليلى تكسب ود الناس في المنطقة بلطفها و سماحتها بالإضافة الى رغبتها الحادة في مساعدة الناس و نصحهم؛ بدأت نسوان الديرة تُعجب بليلى و توسعت العلاقة من علاقة طبيبة تكتب وصفات العلاج الى علاقة مع صديقة تُقدم النصح في المسائل الشخصية و المشاكل الخاصة مستفيدةً من تجربتها في المدينة.
بدأت تحرض النسوان على عدم إتباع إرشادات ام محمد بخصوص إلإستحمام مع الخرزة لغرض الحمل؛ و عدم ترك ابو محمد يدوس على ظهور رياجيلهم في حال عانوا من الآم الظهر و نصحت كذلك بعدم تكحيل عيون المواليد الجدد لأن ذلك يضر بعيونهم و عدم الذهاب الى أم محمد لتلعق عيونهم في حالة دخل فيها شيء.
فقدت ليلى صوابها عندما رأت ابن فطيمة و قد اصبح لونهُ أزرق من جراء الضرب المبرح الذي تعرض لهُ قبل أن يجلبوه للعيادة !!
إستفهمت ليلى عن الأمر لتستمتع للقصة التالية( دكتورة الولد راكبه جني؛ صارله 3 اشهر مدري شلونه؛ البارحة حاﭽينا ابو محمد؛الله يرضى عليه؛ و اجى الرجال باليل و شافه و كال هذا ما اله ﭽارة الا نقرا عليه؛ فكضى الليل كله يقرا عليه قرآن و ظل يضرب الجني لحد ما طلعه منه).
بدأت ليلى تصرخ قائلةً (هذا تخلف, يا جني يا بطيخ؛ الولد مريض تشبعوه بسط؟).
طبعاً هكذا هجوم سافر من الدكتورة البغدادية هو بمثابة إعلان حرب على و كيل الغذائية الرجل الخيِر ابن الديرة و راعيها.
بدأ أبو محمد بالرد لمعالجة الموقف قبل أن يتطور؛ بعد صلاة المغرب دار الحديث التالي:
تقبل الله ابو محمد..
منا و منكم مولاي..
شأخبار الحصة هالشهر؟:
و الله زينة..عالأكثر توصل إسبوع الجاي..انا كاتل نفسي حتى أخليها توصل ساعة ﮔبل علمودكم
و لو تاليتي أنسب و أتشتم انا و اهل بيتي بس ميخالف أنا ادور أجر و ثواب.

ما عاش الي يجيب طاريك مولانا...رد الناس

: يمعودين يا ماعاش إذا هاي البنية الي جايتنا من بغداد تريد تﮕلبها علينا و تخسف بينا الكاع؛ تاليتكم لعبة بيد الزغار يخربون عليكم أمور دينكم.

منو قصدك؟ الدكتورة!! ليش شنو صار؟

: و الله يا عمي مدري شﮕوللكم ؛ أول ما جتي هنا فرحنا بيها و هلينا و مرحبنا و ﮔلت همزين تفيد الناس و تخدمهم .. انتو تعرفوني انا ما يهمني غير مصلحتكم.

:اي طبعاً أبو محمد انت الخير و البركة...بس شسوت هاي البنية

: و الله يا عمي؛ هاي مبين عليها مدري شلونها .. ذاك اليوم تﮕل للناس هذا الحچي عن الجن كله تخلف .. و الجن مذكور بالقرآن ..يعني هي حتى ما تحترم القرآن, انا خايف عليكم لا إذا رحتوا يمها تتداون الله يسوي بيكم فرد شي هاي مبين عليها ما تحترم لا دين و لا امام و لا ولي.

أم محمد من جانبها قامت بزيارات فردية الى بعض البيوت و تناقشت في عدة امور من ضمنها...
مع سعدية مرت خضير :
أﮔلچ سعدية هاي البنية سمعت عليها مو خوش سوالف
: لا ..خير شنو ؟
: إستغفر الله من ذنبها..إستغفر الله.. بس يﮔولون عدها صور و يا ولد...إستغفر الله
: ياه..ما معقوله ..يبين عليها بت اوادم
: يا بت أوادم يا معودة..هاي تربات بغداد ..هناك شيلبسن و شيسون .. انتو شتدرون .. انا ذيچ المرة من رحت و يا ابومحمد ردت اتخبل..لا حيا لا أدب.

في زيارة عائلية قامت بها عائلة ابو محمد الى بيت عناد...جرى الحديث التالي
عناد: أﮔول أبو محمد..هاي شنو حسبة هاي البنية شو كثر الحﭽي عليها هالأيام؟
ابو محمد و هو يتلاعب بسبحته: و الله شﮕلك يا خوي...انا ما أحب اجيب بسيرة الناس بس هم تهمني مصلحتهم ذوله اهلي و ناسي.
عناد: هي منين ما منين؟
ابو محمد: هي جاية من بغداد بس يﮕلون اصلها من سامرا
أم محمد بادرت للقول: يﮔلك ابوها ﭽان بعثي من جماعة صدام و يكتب تقارير عالناس..ياما كاسر رﮔاب ناس
مرت عناد حاولت الدفاع: انا سامعة ابوها و عمها اطباء
ابو محمد: اي عمها يﮔولون..ﭽان من هذولي الي خلوهم يﮔصون الذانات مال الشباب.. الناس بس تدعي عليه.
عناد: لا بروح ابوك؟
ابو محمد: شوف اخوي عناد.. هاي ناس مدري شلونها و انت عندك بنات و الناس بكلشي تتشاقى بس بالستر ؛ و هاي بنية جايتنة مناك لا تحترم امام و لا مرجعية و لا تحترم دين و الحﭽي بيناتنا ما اريده يطلع.. انا ما احب احﭽي عالناس بس انت اخوي؛ يﮕلك ﭽانت من صاحبات عدي.
أخوي احنا ناس نتﭽفى الشر؛ لا تخلون نسوانكم يوصلون يمها او عالأقل حد الحاجة الضرورية و إذا تحتاجون شي ؛ أنا موجود و تتدللون.

في زيارته الى مدينة النجف وضح ابو محمد أن هنالك طبيبة (بعثية) في الديرة بدأت تحرض الناس ضد المرجعية و تتعاون مع القاعدة و أكد لمدير مكتب الشهيد الصدر ان هذه الدكتورة تسخر من المراجع العظام و انها لا تحترم السيد الصدر و لا جيش الامام الحجة(عج) (بيني و بينك سيدنا : هذي البنت ناصبية صدامية بعثية كانت من جماعة منال الآلوسي بهذا الاتحاد مالتهم مال النسوان هي و أُمها).

طبعاً العواقب الوخيمة بدأت تعكر صفو حياةِ البنت الشابة ..همسات و تلميحات من المراجعين.. بدأت النسوة و الشابات يتحاشونها..رسائل تحذير تحولت الى تهديدات إذا لم ترتدي الحجاب و تضع صورة الأئمة على واجهة العيادة.
إزدادت الضغوط على ليلى التي وجدت نفسها لوحدها تسير في ظلام غابة الذيب ...قررت ليلى أن تنجو بحياتها و تترك الديرة.
رحلت ليلى لتبحث عن فرصة عمل و دراسات في بلادٍ أُخرى ...بقيت الديرة بلا طبيبة ليلجأ الناس الى أُم محمد و زوجها عند الحاجة أو لينقلوا مرضاهم الى أقرب مستشفى عند الطواريء.
أنيابُ الذئب أكثرُ بريقاً من إبتسامةِ ليلى؛ و عوائهُ أعلى من همساتها .. و.مخالبهُ أحدُ من مشرطها


ليلى قصةٌ تتكررُ في بلادنا و تنتهي نفس النهايةِ على الاغلب...قصةُ الحلم الذي تلاشى و الأملُ الذي تبخر ليحل محلهما اليأس المطبق قصة كلُ من يذكرُ بندمٍ شديد أنهُ حاولَ يوماً أن يُغير الواقع المرير
الجميع يكرهُ الذئب و يذمونهُ لكن لم يبادر أحد لنصرةِ ليلى.
لا أظنُ أن الذئبَ قد أخطأ في شيء...الذئابُ خُلقت لتفترس ...لقد أخطأت ليلى حين دخلت الغابة من دون أن تحترس.

تنويه : شخوص هذه القصة و احداثها ليست حقيقية ولكنها مستمدة من واقع مرير بتنا نعيشهُ لعقودٍ طويلة؛ واقع هزيمة الامل و الحق و إنتصار الباطل و اليأس؛ واقع الخوف الذي يتغلب على الشجاعة؛ واقعُ أن ليلى لن تخرج من بطن الذئب؛ واقعٌ عاناهُ الكثيرون مع تغييراتٍ في الاسماء و إجزاءٌ من الحوار إلا أن النتيجة واحدة:
فلتسقط ليلى و ليحيا الذئب

2 comments:

3eeraqimedic said...
This comment has been removed by the author.
A&Eiraqi said...

3mti
ها قد لمست الجرح
بالأمس كنتُ أتحدث مع طبيبةٍ شابة تعمل في احدى المدن لا القرى او الأرياف.

لقد تم تعنيفها او توجيهها من قبل زميلٍ لها لاحظ انها أرتكبت خطأً فادحاً بان سمحت لنفسها أن تتحدث مع احد الذكور العاملين في المستشفى ؛ هكذا فعلٌ مشين كان عليها ان تتحاشاه و لكنها لم تفعل!!

في وسط حيرتها كانت تتسائل إذاما كانت قد أقترفت خطأً بأي شكلٍ من الأشكال وكيف أن الناس تظنُ بها ظن السوء لمجرد انها تحدثت مع رجل.

أجل لقد أصبتي كبد الحقيقة ؛ ليلى ستتعلم ان لا تتجاوز حدودها بعد ذلك و لن تحاول أن تطور نفسها لتطور سواها .

ما جرح (ليلى) هذه المرة ان زميلتها الطبيبة أتفقت في الرأي مع الآخرين في انها قد أقترفت جنحاً مشيناً بفعلتها.

الذئاب تتنتصر وليلى تهزم ولربما لن يكون هنالك ليلى في المستقبل