وسطَ صمتٍ مذل مرَ الخبر! وكأنما لم يكترث أحد! ربما لأنك لم تكن خانئاً مثلهم لم يوفوكَ حقك ولأنك لم تكن مجرماً لم تخرج الحشودُ مستنكرةً قرار إعدامك مؤكدةً فضلك وعلو مقامك .
و لأن يديك غيرُ ملوثةٍ بدماء الأبرياء لم تُعلق صورُكَ في الطُرقات , لكَ الفخرُ فأنت لستَ مثلهم .
أتحدثُ اليوم عن صفعةٍ وجهت لكلِ العراقيين , عن طعنةٍ في صميم الروح الوطنية وعن تدميرٍ لمفهوم البطولة .
أتحدثُ عن بطلٍ عاش بطلاً و إنساناً في آن واحد وهو أمرٌ قلت رؤيتهُ في زمن الوحوش والجبناء والعملاء , أتحدثُ اليوم عن قرار إعدام ؛ لم يصدر بحقِ رجلٍ واحد بل صدرَ بحقِ كلُ من سولت أو تسولُ لهُ نفسهُ أن يكون شريفاً و أن لا يتخلى عن مبادِءه إذ أننا نعيشُ زمن الأوباش وتقودنا الأوغاد.
انهُ رجلٌ لم ألتقهِ يوماً و لا يمتُ لي بأي صلة الا أنني أرى فيه القائد الذي يفتقدهُ بلدي و أرى فيه رمزاً لكل ما في العراقيين من خصالٍ حميدة.
لا زلتُ أذكرُ ثباتهُ عندما كانت الصواريخ تمطرُ على بغداد وهو واقفٌ لا تهتزُ فيهِ شعرة يلقي مؤتمرهُ الصحفي, مازلتُ أتذكرُ كيف أنهُ لم يكذب في مؤتمراتهِ الصحفية و أقرَ أن الأمريكيين باتوا غير بعيدين عن بغداد رغم خطورةِ تصريحٍ كهذا على حياته ومنصبه أنذاك!
مازلتُ أتذكر كيف شد إنتباهي هدؤهُ في إجتماعات القيادة ايام الحرب والآخرين يضحكون فأدركتُ أنهُ كان يفهم الأمور خيراً منهم.
انهُ الفريق أول الركن المقاتل سلطان هاشم أحمد الطائي وزير الدفاع العراقي السابق والقائد العسكري المرموق والإنسان الحر في زمن العبودية والدناءة.
بكلِ رعونة وبلا ذرةِ خلق و بإنعدامٍ تامٍ للضمير تُصدرُ محكمة الانفال حكمها بإعدام هذا القائد شنقاً ,كيفَ يعدمُ شنقاً وهو رجلٌ عسكري ؟ ليس من حقنا أن نسأل فنحنُ نعيشُ عصر الديمقراطية!
ديمقراطية إعدام الجيش العراقي و إستبداله بمليشيات القتل المدربة في كل مكان الا العراق وعلى كل يد إلا أيدي العراقيين والحارصة على كل شيءٍ إلا أرواح العراقيين, ديمقراطية هتك الأعراض ,وإستباحة الحرمات والتنكيل بالأبرياء , ديمقراطية العمائم الكاذبة والأحقاد الدفينة والعمالة المقيتة لكلِ أعداء الوطن , ديمقراطية الأغتيالات الجبانة والتفجيرات الدموية وإنعدام الغيرة على الوطن.
لم يكن سلطان هاشم أحمد من عشيرة صدام بل هو إبن الموصل الحدباء (المدينة التي عرفت بأبنائها من الضباط الأكفاء) وخريج المدارس العسكرية وصاحب خدمة أربعين عاماً تدرج فيها حتى أصبح قائد لواء ثم قائد فرقة فقائد فيلق ثم نائب رئيس أركان الجيش ثم رئيس أركان الجيش وأخيراً وزير الدفاع لدة ثمان سنوات عُرِفَ خلالها بخلقهِ الرفيع و تواضعه النادر من نوعه, ويكفيهِ فخراً ما قيلَ بحقهِ بانهُ لم يتسبب يوماً بأعدام أحد.
حُوكمَ سلطان ولم نعرف جرمه, أهو مقتل الأكراد؟ ام هو الشرف العسكري الذي لا يمتلكهُ الذين حاكموه؟ أ لأنهُ لم يكن جباناً مثلهم ولم يلعق أحذية المحتلين ؟ أم لأنهُ لم يشهد ضد رئيسه فأعتُبرَ من المجرمين ؟ أم أنها بدايةٌ لإزالة النقاب عن عمليةٍ بدأت منذُ زمنٍ طويل في داخل السجون الأيرانية ونشطت بعدَ سقوط بغداد بيد المحتلين الا وهي تصفية كل كوادر الجيش العراقي التي دافعت عن العراق إذبان الحرب مع أيران؟
إتهموهُ بتنفيذ الأوامر وإتباع التعليمات وكأنما من واجب الجيش أن يتمرد و ان يتركَ البلد تسقُطُ بيدِ كلِ من هب ودب ليفعل بها وبشعبها ما يحلو لهُ. هم نفسهمُ يعترفون بأن البلد كان يتعرض لهجومٍ مزدوج من الأيرانيين والمتمردين الأكراد ونحن في حالةِ حرب, لمَ لا تتم محاكمة الأيرانيين أو الأكراد على هجومهم , ويعلمون جيداً أن لا علاقةَ لهُ بإستخدام الأسلحة الكيمياوية ولكن لم يكترثوا لذلك.
أين كان كلٌ من مسعود وجلال أنذاك وكلاهما إرتضى ان يتعامل ويستعين بصدام بعد ذلك, أين كانت المرجعية الشريفة والأئمة العظام أنذاك , لمَ نحاكم الجيش ولا نحاكمهم على صمتهم ؟
يالسخريةِ الأقدار ويالهزليةِ هذا الدهر؛ سلطان هاشم أحمد يحاكَمُ و زوجُ الأوغاد العملاء جلال ومسعود يكنيان ب(فخامة الرئيس)!
سلطان يُحكم بالإعدام وكريم شاهبور (موفق ربيعي) يشغل منصب مستشار الأمن القومي في بلدٍ يفتقرُ الى أي معلمٍ من معالم الأمن!
الأبطال من العسكريين العراقيين يسقُطون الواحدَ تلو الآخر وعبد العزيز البهيم (كلبُ ايران السائب)
يشغل منصب زعيم أكبر كتلة برلمانية!
القائد الرزن والمقاتل الشجاع يعاملُ على أنهُ مجرمٌ خائن و محمود المشهداني يطالب بأحقيتهُ في رئاسة البرلمان العراقي ؛ ولكن والحقُ يقال سيركٌ كهذا لا يليقُ بهِ إلا مهرجٌ كذاك.
المقاتلين العراقيين يتمُ أغتيالهم وتاجر المخدرات القذر كريم ماهود قاطع الطريق الخسيس كان يجالس السيستاني ويتحدثُ بإسمِ الشيعة ويوضعُ ضمن القوائم الإنتخابية!
مفاوض خيمة صفوان الذي تعامل مع القادة الأمريكيين بشموخٍ وثبات رغم الضربات التي تلقاها الجيشُ العراقي انذاك يعدُ جباناً واللص الوغد والخائن بالفطرة أحمد الچلبي يُعدُ من الوجوه السياسية البارزة في العراق والجرذ الملا إبراهيم الأشيقر يُعدُ مناضلاً وبطلاً وهو الفاشلُ بكلِ ما تحملُ الكلمةُ من معنى !
الرجل الذي لم تتلطخ يديه بدماء إخوانهِ يعدُ مرتكباً لِجرائم بحقِ الإنسانية وهادي لعامري وبيان قذر يقودان كلاب العجم وفرق الموت لنحر العراقيين والقائهم في الشوارع معصوبي العيون ورؤوسهم مثقوبة بالدريلات!
سلطان هاشم أحمد يوضعُ في قفص ومقتدى الصدر يقودُ جيشاً وعدنان الدليمي يهتفُ بالحشود!
لا أدري أأضحكُ أم أبكي ؛ أ أضحكُ على ما يسمى بزمن الديمقراطية الذي كان كفيلاً بإخراج الجرذان من جحورها أم أبكي على وطنٍ يخسرُ كلَ ثرواتهِ المادية والعلمية والعسكرية.
إذا أراد أحدٌ ان يتحامقَ راداً عليَ بأن جرمَ سلطان وغيرهُ من العسكريين بأنهم تعاونوا مع صدام , فلا ينزعج من إعتباري لهُ بالسفيه, لأن معنى كلامهِ انهُ يُبيحُ قتل كل مسؤولي الدولة الحاليين بتهمة التعاون مع المحتل حتى لو كانوا وطنيين بمعنى الكلمة وهذا ما لا يُمكنُ قبولهُ, وأن لا حق للعراقيين في تكوين دولةٍ مادام هناك شخصٌ مرفوضٌ يقودها.
إن الرسالة واضحةٌ جداً ؛ هم يريدون القضاء على رمزية الجيش العراقي والإنتقام منهُ بشتى الوسائل ليرتاح الخميني في قبره, فبلا خجل أعلنوا أن هنالك ما يقارب المئة أسم لم تحاكم بعد!
ربما سيحاكمون اليش العراقي بكامله أو انهم يعلنونها صراحةً حرباً مكشوفةً عليه بعد ان كانت حرباً مستترة.
هم يريدون إغتيال الروح الوطنية وإستبدالها بالطائفية النتنة لنتحول من عراقيين الى بهائم يقودونها الى حيثُ يريدون بمجرد ذكر المذهب والتباكي على الطائفة .
إني أرى في هذا القرار إغتيالاً لجيشٍ دافع عني وعن بلدي وعن إبناء شعبي في وقتٍ كان الأوغاد
يتهافتون على من لم يتوانى في ذبحنا طالبين ودهم ومانحينهم الشرعية والحق لنحرنا .
كان الأجدرُ بهم أن يحاكموا فرق الموت والأرهابيين الذين يذيقون العراقيين الويلات كل يومٍ ويعطلون الحياة ويهلكون الحرثَ والنسل, إن من الأولى محاكمة صولاغ المجرم صاحب الأقبية وبطل التعذيب في عصر الديمقراطية .
للأسف سَيُعدُ هذا القرار إنتصاراً لصدام حسين و دعماً لهُ فقد أعدمَ في زمنٍ يعدمُ فيهِ العراق والشرفاء والأبطال من العراقيين, زمن الكذب واللؤم والحقد الطائفي وإغتصاب الحرائر وهتك الأعراض وهدم المساجد , زمنٌ أسودٌ حلَ بعدَ رحيلهِ.
كان من السهل على سلطان وهو الخبير بالشؤون العسكرية أن يتفاهم مع الأمريكيين إذبان سقوط بغداد ويستسلم لهم ولكنهُ ليس خائناً كسواه , لم يفعل ما فعلهُ إبن العلقمي ولا ما فعلهُ محمد باقر الحكيم عندما تركَ المقاتلين يهتفون بإسمهِ وبقي هو في ايران عام 1991 وهذا بشهادة من شارك في القتال إنذاك.
كان من السهل عليه أن ينضم الى ما يُسمى بالمقاومة لكنهُ إختار ألا تتلوثَ يديهِ بدماءُ العراقيين فسلمَ نفسهُ شريطةَ أن يعامل كقائدٍ عسكري ولكنهُ لم يعلم أن لا شرف لقادة العراق الجديد ولا ذمةَ لديهم ولا رجولة , كلُ ما يملكونهُ هو الحقد الذي يملأُ قلوبهم والعار الذي سيطاردهُم .
هم فقط يتناسون أمراً واحداً ألا وهو ان الدوائر ستدور وسيأتي دورهم يوماً فهل سيرحمهم أحد؟ وهل سَيُعاملون برجولة واحترام ؟ هم رفضوها مسبقاً فليعدوا أنفسهم إذاً, ولو دامت لسواكَ ما آلت اليك.
لا تحزن يا فريق سلطان ولا تخافوا يا مقاتلينا الأبطال, يا من أرهقكم صدام برعوناته و أراد الأوغاد أن يمحوا بطولاتكم من ذاكرة العرقيين.
لم ولن ينتصر هؤلاء الأوباش , إن ما بدأتموهُ من دفاعٍ عن الوطن بوجهِ الريح الخمينية لن يذهب هباءً , سننهضُ من جديد , عاجلاً أم آجلاً سنفعل, ستبقون في الذكرى رموزاً شامخة وسينتهون هم في مزبلةِ التاريخ.
تحيتي الى الجيش العراقي الباسل والى كافة طياريه الأبطال ومقاتليه الأشاوس وعلى رأسهم المقاتل سلطان هاشم أحمد , يشرفني أن أودي لكم التحية العسكرية رغم أني لم أرتدي البزةَ يوماً.
************************************************************************************
*ملاحظة : النصوص أدناه منقولة من ويكيبيديا عن أحداث حلبجة
**ويذكر معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي أن استيراد العراق للأسلحة ما بين عامي 1973 و2002 توزع إحصائياً كما يلي: 57% من روسيا والاتحاد السوفياتي السابق، 13% من فرنسا، 12% من الصين، 1% من أمريكا، وأقل من 1% من بريطانيا. فليس دقيقاً التعميم أن أمريكا سلحت العراق في الثمانينات، وليس في سجل العراق شيء مثل فضيحة "إيران غيت" أو صفقات أسلحة "إسرائيلية" من السوق السوداء أو غيرها، مع العلم أن مسؤولين أمريكيين شهدوا أمام الكونغرس عام 1982 أن "إسرائيل" نقلت أسلحة أمريكية لإيران وجيش لبنان الجنوبي دون أن يتبع ذلك تحقيق بالرغم من مخالفته لنص القانون الأمريكي.
من جهة أخرى، يذكر تقرير محدود التوزيع عن حلبجة لوكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، اقتطفت أجزاءً منه مجلة الفيليج فويس Village Voice الأمريكية المعروفة في عددها الصادر يوم 1 أيار/مايو 2002 :"معظم الضحايا في حلبجة تسبب بموتهم محلول السيانوجين كلوريد كما بلغنا، ولكن هذا العامل الكيميائي لم يستخدمه العراق يوماً، بل أن إيران هي التي اهتمت به. أما قتلى غاز الخردل في البلدة فمن المرجح أنهم قضوا بالأسلحة العراقية، لأن إيران لم يلحظ أبداً أنها استخدمته".
وفي تقرير أخر عن حلبجة عن مؤتمر دام يومين للملحقين العسكريين في السفارات الأمريكية في "الشرق الأوسط" ومحللين عسكريين وسياسيين من وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الاستخبارات العسكرية DIA ، اعتمد في نتائجه على التقارير الميدانية والمتوفرة للعموم وعلى التقاط الرسائل السلكية واللاسلكية للجيشين العراقي والإيراني من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA ، جاء تقييم ما حدث في حلبجة كما يلي: "على افتراض أن السيانوجين كلوريد هو المسؤول أساساً عن أسوأ حالات استخدام الكيماويات في القتل الحربي للأكراد في حلبجة، وبما أن العراق ليس له سجل في استخدام هذين العنصرين، والإيرانيون لهم سجل من هذا النوع، فإننا نستنتج أن الإيرانيين هم المسؤولون عن هذا الهجوم". ويمكن إيجاد ذلك التقرير الرسمي على الموقع التالي:
www.fas.org/man/dod-101/ops/war/docs/3203/
ونقلاً عن تقرير أخر لوزارة الدفاع الأمريكية، تقول صحيفة الواشنطن بوست في 3 أيار/ مايو 1990 أن مجزرة حلبجة جاءت نتيجة القصف المتبادل بالأسلحة الكيميائية بين الجيشين العراقي والإيراني بهدف السيطرة على البلدة. ونستنتج من المصادر المختلفة في هذا السياق أن ما حدث في حلبجة هو بدء الجيش الإيراني بقصف حلبجة بالسيانوجين كلوريد بهدف السيطرة عليها، وهو ما أدى لوقوع القسم الأعظم من الضحايا الكردية المدنية، دون أن يكون تعمد استهدافهم هو الغرض، ولكن الجيش العراقي عاد وقصفها بغاز الخردل لتحريرها بعد أن وقعت المجزرة بالمدنيين الأكراد، ولذا فإن ضحايا الأسلحة العراقية كانت أساساً من القوات الإيرانية المهاجمة وقوات الطالباني المتحالفة معها. فلا يستطيعن كولن باول على الأقل اتهام العراق بذبح المدنيين في حلبجة، وإلا فليبدأ أولاً بتكذيب المصادر العسكرية الأمريكية في عهد بوش الأب الذي تقلد فيه منصباً عسكرياً رفيعاً ...
وعلى كل حال، ليس ثمة نفاق أكبر من إدعاء واشنطن أنها تحرص على الأكراد وهي التي جعلت من الدولة التركية أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية في العالم عام 1994، أي العام نفسه الذي هرب فيه أكثر من مليون كردي إلى ديار بكر هرباً من البطش الذي أنزلته القوات التركية بالريف في كردستان المحتلة في تركيا.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
2 comments:
I am going to borrow the title of your previous post for this matter "Their humanity"! I was surprised to hear that myself, especially that I heard many romours a couple of month ago that he would not get sentenced and even he will be freed!!!
well said,
brave words in times where silence is the norm..
ahmed.
Post a Comment