Tuesday 5 June 2007

وصمات العار.......جرائم اللاشرف

كانت البدايةُ مع حواء ولولاها ما كان لآدم أن يحصُل على ذريةٍ تدعى (بني آدم) , يعلمُ الجميع أن زوجةَ نوحٍ لم تُطعه ولكن صبرت زوجتيه الأخريات معهُ وتحملنَ المِحن, مع إبراهيم كانت كلٌ من سارة وهاجر سنداً رُغم نار الغيرة المتوهجةِ في قلبيهما, أساءت إمرأةُ لوط ولكن ساندتهُ بناته , زوجةُ أيوب تحملتهُ في مرضه و تغاضت عن سوءِ ظنه, إمرأةُ فرعون كانت أماً ل(موسى) صبرت مع من آمن , بلقيس تركت عرشها وآمنت بربِ سليمان , ستبقى العذراءُ رمزاً للطهر بعد أن عانت ما عانته بوليدها الذي ظهر فجأةً , خديجةٌ ساندت زوجها؛ صدقتهُ حين كذبهُ الناس و فرقَ بينهما الموت فتركت إسمها محفوراً في قلبه وفي صفحات تاريخ دينه.


في مجتمعات يشكلُ ما هو مكتوبٌ أعلاه عقيدةً راسخةً ويعدُ إنكارهُ نوعاً من ضعف الإيمان إن لم يصل حد الكفر, في هكذا مجتمعات؛ يُضربُ بهذا كله عرض الحائط لينبري من يحلو لهُ أن ينصبَ نفسهُ قاضياً وجلاداً في نفس الوقت بقتل أي إمرأةٍ من أهل بيته إذا ما ساورتهُ حولها الظنون !

تنتشر لطخات العار التي تسمى خطأً ب(جرائم الشرف) في كثير من بقاع الأرض وخصوصاً المجتمعات الإسلامية, تسقُط كلُ سنةٍ مئات النسوة صرعى قرار العائلة بصون الكرامة وغسل العار وحتى لو كان الموضوع برمته مجردُ شك!اناأقدر مشاعر الرجال في المجتمعات الشرقية وما يمكن أن يواجهوه إذا ما تحدث أحدٌ عن أعراضهم بسوء و انا ةاحدٌ منهم ولكنني أعجزُ تماماً عن إيجاد أي سبب للتفاخر بقتل المرأة كما لو كنا عاجزين عن إثبات قوتنا إلا على حساب النساء.
بطبيعتي المدافعة عن الدين لا أرى أيَ صلةٍ بين الدين وبين هذه الجرائم لسببين بسيطين أولاهما هو عدم منح الدين أي حق بإرتكاب هذه الجرائم لا للأب ولا للأخ ولا حتى للزوج والسبب الآخر هو أن من يقوم بها لا يقوم بها دفاعاً عن الدين ولا لقوةٍ في إيمانه ولا حتى طمعاً في جنات الخُلد بل لحماقةٍ و رعونة وليتبجح بصون كرامةٍ شعرَ بفقدِها , أبرز دليل على ما أقول هو ان الرسول(ص) لم يبادر لنحرِ زوجتهِ عندما ساورت الناسُ الشكوك حولها ولم يطلقها حتى.

يعيدُنا هذا الموضوع الى حقوق المرأة ومدى مظلوميتها, يبدو أن العالم بإسرهِ وليس شرقنا لوحدهِ يتوجه توجهاتٍ ذكورية ولكن لا يمنح الجميع للرجل الحق في قتل المرأة وهذا ما سأناقِشهُ.

لربما تكمنُ مشكلتنا في عقلية تملُك الرجل للمرأة و سلطتُه المطلقة عليها وحقهُ التام في التحكم بها, تنتشر هذه العقلية
حتى في المجتمع المتمدن من عالمنا الإسلامي فبالرغم من قلة حالات قتل النساء إلا إن الفكرة متفهمة والى حدٍ ما مقبولة!

أنا لا أعارض ان يحاسب الرجل المرأة سواء كانت زوجةً أو أختاً أو بنتاً على تصرفاتها وأن يوقفها عند حدها إذا ما حادت عن طريق القوام بشرط أن تكون الحقوق متبادلة ؛ أي أن نتقبل أن يكون الحق للمرأة أن تراقب تصرفات الرجل أيضاً وتعيدهُ الى جادة الصواب فتكون الكفة متوازنةٌ على الطرفين إذا أردنا أن نعطي الرجل الحق في قتل المرأة فعلينا أن نمنح المرأة أيضاً الحق في قتل الرجل إذا ما أساء التصرف أو إنحرف سلوكهُ.
لم أسمع ولا أظنُ أنني سأسمعٌ يوماً عن إمٍ تنحرُ ولدها لسوءِ تصرفه ولا عن أُختٍ تفعلُ ذلك ومن النادر أن تفعل الزوجةُ هذا بزوجها!
ليس المهمُ الآن هو إنتقادُ هذا التوجه فحسب بل العمل على تصحيحه و تعديل الإنحراف الفكري الذي تعيشهُ المجتمعات الإسلامية بخصوص هذا الموضوع , لا بد أن يتحرك الجميع لوقف هذا الإسلوب الشاذ في التعامل مع النساء لأنهن يمثلن الأمل في إنتاج جيلٍ قادر على النهوض بواقع الأمة المأساوي.


من المؤسف أن نسكُت على نحر بناتنا ومن المفزع أن يغض النظر عن هكذا جرائم ولا يتم محاربتها والسعي للقضاء عليها و إنهائها تماماً ولكن من المخزي أن يُعد إرتكاب هذه الجرائم فعلاً بطولياً يتباهى بهِ الرجال وينتقصون ممن لا يبادر للقيام بهِ.

لا بد من إقرار حقيقة ان بعض اللوم يُلقى على النساء لإستسلامهن لهذا الواقع المرير ولربما لتقبلهم له و الإقتناع به, لا بد أن تبادر النساء في مجتمعاتنا وخصوصاً المتعلمات بحركة قوية لإيقاف هذه المهزلة والنهوض بواقع المرأة بصورة عامة.
أنا أُقدر ان غالبية النساء وخصوصاً في مجتمعاتنا يفضلن التضحية بالعمل والحياة الإجتماعية والمنصب لأجل بناء الأسرة وتربية الأولاد ولكن من غير المقبول ما نراهُ هذه الأيام من واقع الإنهزامية الذي تعيشهُ كثيرٌ من الفتيات وحتى المتعلمات تعليماً جامعياً حيث أنهن لا يملكن الثقة بالنفس و يرفضن مواجهة الحياة لوحدهن وتذهب الكثيرات الى الإيمان بأن أفضلُ ما يمكن أن تنالهُ هو زوجٌ مناسب تقبعُ لأجلهِ في البيت تاركةً كل ما حققتهُ في حياتها وراء ظهرها لأجلِ أداء الأعمال المنزلية!

من المؤلم أن أقرأ أن نسبة الأمية بين النساء في العالم العربي تبلغ ما يقارب السبعون في المئة ونسبتها بين نساء العراق سبعةٌ و أربعون في المئة أي أن ما يقارب نصف نساء العراق عاجزات عن القرأة والكتابة و إذا أضفنا اللواتي يتركن المدرسة في المراحل الإبتدائية ومن ثم الواتي لا ينهين دراستهن واللواتي يحصلن على الشهادة الجامعية ليقبعن في البيوت فستكون الأرقام مهولةً جداً ونسبة النساء القادرات على قيادة المجتمع باتت ضئيلةً جداً في مجتمعٍ لا أمل لهُ إلا النساء بعد أن توزع رجالهُ بين قتلى ومهاجرين.

لايزالُ الكثيرين عاجزين عن إدراك حقيقةٍ هامة هي أن المراة اوالأم تتحمل ما يتجاوز الثلاثة أرباع من أعباء التربية , إذ يقوم الأب في معظم الحالات بدور المشرف العام والمنسق في حين تنشغل الأم بإدارة أدق التفاصيل والإشراف على إتمامها, من التناقض ما يجري عندنا من وضع الأعباء على المرأة وتعليم الأبناء قتل المرأة ومعاملتها كما لو كانت خادمة!
كيف لنا أن نطالب من نعدها ناقصة وغير ذات فائدة بتربية جيل قادر على النهوض بمجتمع كثُرت مشاكله وثخُنت جراحهُ.

لقد من اللهُ على المرأة بقدرتها على التحمل و إستعدادها الدائم للتضحية , لقد زرع فيها غريزةَ الأمومة ليجعلها معيناً لا ينضب وكنزاً لا يفنى أبداً , ولكن يبدو أن عمائم الزمن الأسود تُصرُ على تجاهل الحقائق والإنجرار وراء صيحات التخلف فلا يكتفون بغض النظر عن هذه الجرائم بل يدعون الى سجن المرأة في البيت و منعها من العمل أو التعليم.

ما زلتُ أحلمُ بعراقٍ أفضل, عراقٍ يُبنى بسواعدِ العراقيين رجالاً ونساءً , عراقٌ تمحى منهُ أمية النساء ويُنشطُ دورهن في المجتمع , يكونون فيه رقماً هاماً لا نصاباً يستكملُ لسدِ الفراغ , لا زالت المرأة العراقية أملي الوحيد في تربية جيلٍ أفضل ولكن علينا باديء ذي بدء أن نبُث الثقة في المرأة نفسها لتكون قادرةً على خلق هذا الجيل.

من واجب الجميع أن يتخلواعن عقلية جعل المراة جارية تخدم في البيت و يمتلك الرجل صك عبوديتها فيمنحها ما يشاء من الحياة ويحرمها مما يشاء, لا بد أن نقاوم جرائم الشرف ونعامل من يقوم بها أو يؤيدها بأي شكلٍ من الأشكال على أنهم مجرمين ومعدومي الضمير

7 comments:

Marshmallow26 said...

Ya Salam shino inta, so that means you are one of the active feminists, aren't you?

As a woman, I appreciate this post so much :) Thank you

Yasmin (Blanche) said...

dear a&eiraqi,
that was a very good post..
i was shocked by the stastics of illitracy, and actually sadened especially by those which concern the iraqi women..
its good that someone like yrself,living in the UK would think of writing such a post..
regards..

3eeraqimedic said...
This comment has been removed by the author.
A&Eiraqi said...

Hi Everyone
Marsho
I absolutely support women and I agree that there is an oppression on women in this world and especially in our countries, all what I wish is to stop that mentality of considering women as less than men, it's not about laws but it'e inside us and it should be stopped.

Dear Yasmin
Womwen should work hard to correct this level of illitracy , it's a dizaster
Allah kereem

Dear 3mti
I've intrested in this subject for the last 4 years when there was a debate on Aljazeera , talking about women being killed by their families and sometimes not for being in love but because their father who were drunk have raped them and then to cover everything they claimed that the girls had done something bad and killed them.
Since that time I tried to check the whole matter and see if there is any religious base behind it , in fact there isn't.

I haven't heard about this family but I watched another report about the same matter and with horrifying statistics which means no progree has happened.

About stonning people:
I couldn't really understand what your question is about but I assume it's about stonning people in religion when they have sex without marriage:
According to Islam , people are being punished if they do so in conditions not randomly.
If they do it and they're not married they will be beaten 100 beaten not killed .
If they're married and they cheat they'll be killed by stonning, you're right about that.
But this is part of the true
the fact is they're being killed if there are 4 witnesses have seen them and ready to testify that they did.
The religous point behind it is not allow ponongraphy more than killing people.
Once Ommar bin Al-Khatab saw a couple having sex while they were not married, he wanted to punish them as he saw them himself , Other Sahabis especially Immmam Ali told him that he would be punished if he mentioned the names as he had no other ones to testify with him.
All these rules are followed in a country ruled by Islam and follow all the islamic rules and in fact there isn't such country, the whole matter is they follow what suit them and ignore the others, it's not about religionas much as tradition.


If you had another point I wish you put it and I'll try to explain my point of view.

Regards

A&Eiraqi said...

3mti
One more thing; the Islamic rule is to be applied equally on men and women not only on women
Regards

3eeraqimedic said...
This comment has been removed by the author.
A&Eiraqi said...

3mti
Obviously ; it is.
There are many things in religion which are twisted to be used for the benefit of men, while they're not right.
As far as I know, men and women are equally asked by religion, men are not allowed to do things just because they're better

Regards