بلا شعور

لم أستطع النوم بالآْمس, بقيت’ ساهرا" حتى الخامسة فجرا" أنتظر’ للتأكد من النبأ: قد أعدم وفارقَ الحياة.
أول’ ماقمت بهِ هو أرسال رسالة بالبريد الألكتروني الى فرشته هنأتها بذلك الخبر. أيقنت بعدها أن الوقتَ قد جاوز الثامنة صباحا" في بغداد فبدأت أتصل بالأحبة والأقارب لتهنئتهم بمناسبة العيد, معظم لم يكن يعلم بالخبر اءذ لا كهرباء لديهم.
بعد نوم قصير تابعت’ الأخبار مرة" أخرى وقرأت’ ماكتبه’ الاخرون واخر ماخطرببالي هو الكتابة’عن هذا الموضوع.
خرجت’ لزيارةٍِِ بعض الأقارب وأستوقفني سؤال’ امرأةٍ مسنة:هل كنتَ تحب’ صدام, بعد اجابةٍ سريعةٍ ب(لا) سادني شعورٌ غريب؛صدام؛ في لحظةٍ واحدة مر ببالي ألف شيء : الألم,الجوع, المعاناة, الخوف, الرعب, الفراق,الطائفية , الشعور بالأضطهاد........الخ
هذا الأسم مرتبطٌ بكل مافي حياتي ؛معظم عمري قد قضي في ظل سلطةهذا الرجل وأيُ سلطة!
من أولِ صفحةٍ في أولِ كتابٍ مدرسي الى قلقٍ وترقبٍ عندما يذكر’ هذا الأسم الى هروبٍ ففرحةٍ بأعتقالهِ ثم جدالٌ دام طويلا" عن دورهِ واخلآقياته ثم محاكمةٌ شابها الكثير من الجدل فقرارُ بالأعدام وأخيرا" الأعدام’ نفسه, ماذكر أعلاه يمثل أربع وعشرون عاما" هي عمري كله, كله’ مع هذا الشخص.
عدت الى شقتي أتابع الأخبار وردود الأفعال :الأعلام يصر على أن أربع عشرة محافظة والتي تمثل الشيعة والأكراد تحتفل وأربعٌ تمثل السنة في حالةِ حداد!!
تباينت اراء الناس من غير العراقيين,كثير من العرب حزينون ل(استشهاد!!!) القائد البطل, منظمات حقوق الانسان تستنكر , ليبيا تعلن الحداد,السعودية تستنكر الأعدام في عيد الأضحى,وكن كم مرة استنكروا الم العراقيين وجوعهم في العيد طوال اثني عشر عاما" من الحصار فعلت بنا ما فعلت؟
ماذا عني؟ لماذا أعجز’ عن الشعورِ بشيء ؟ لماذا لست’ سعيدا" ولست’ حزينا"؟ انا بكل بساطة لا أملك أية مشاعرٍ تجاه هذا الموضوع , لا أعلم لماذا ولكني أعجز عن الشعور بشيء وكأنني أصبحت جمادا".
يفزعني هذا الأمر, فمن واجبي أن أفرح لتحقيق العدالة, لرحيل من فعل ما فعل ببلدي وشعبي, لموت من لازلنا ندفع ثمن رعونته وطيشه وحماقاته, ولكني بلا مشاعر, هل هي الغربة قد حولتني الى صنم ؟ هل أنني أضحيتُ امروأ" لا يبالي؟
اني لأعجز عن ايجاد تفسيرٍ لحالتي هذه, اريد أن أجامل من هو سعيد وأعاتب من هو حزين,ولكني أعجز عن القول, فلا شيء في داخلي واضح, وكأنني أضحيت مثل بلدي حائرٌ, ضائعٌ وفي مصيبتي غارق.لا قيمة لما قد كتبت ولا حكمة فيه ولا استنتاج,ولا أعلم لم كتبته , ولكني كتبه وقررت أن أنشره كما هو, وكما أعيشه اللحظة:
بلا شعور